الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
ما رواه أبو داود في "سننه" [أبو داود في "باب الصائم يحتلم نهارًا في رمضان، ص 330 - ج 1.] حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "لا يفطر من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم"، انتهى. قال البيهقي في "سننه" مشيرًا إلى هذا الحديث: والصحيح رواية سفيان الثوري، وغيره عن زيد بن أسلم - من أصحاب النبي عليه السلام - أنه قال: "لا يفطر من قاء" الحديث، قال: وقد روى عن الثوري نحو رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وليس بصحيح، انتهى. وقال صاحب "التنقيح": وقد تكلم في حديث الخدري الإِمام أحمد، ومحمد بن يحيى الذهلي، وابن خزيمة، والدارقطني، وغيرهم. والمحفوظ فيه ما رواه أبو داود في "سننه"، فذكره، وقال الدارقطني في "كتاب العلل" في حديث الخدري: هذا حديث يرويه أولاد زيد بن أسلم الثلاثة: عبد اللّه، وعبد الرحمن، وأسامة عن أبيهم زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، وحدث به شيخ يعرف بمحمد بن أحمد بن أنس الشامي - وكان ضعيفًا - عن أبي عامر العقدي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به، قال: وهذا لا يصح عن هشام، ورواه سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن صاحب له عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فذكره بلفظ أبي داود، وقال: وهو الصواب، انتهى. - الحديث الثاني عشر: قال عليه السلام: - "من قاء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عامدًا فعليه القضاء"، قلت: أخرجه أصحاب السنن الأربعة [أبو داود في "باب الصائم يستقىء عامدًا" ص 331، والترمذي في "باب من استقاء عامدًا" ص 90، وابن ماجه في "باب الصائم يقيء" ص 122] عن عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء عمدًا فليقض"، انتهى. قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا شيء، قال الخطابي: يريد أن الحديث غير محفوظ، وقال الترمذي. حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة [حديث أبي هريرة، عند الترمذي، والطحاوي: ص 347، وغير واحد] عن النبي عليه السلام إلا من حديث عيسى بن يونس، وقال محمد - يعني البخاري - : لا أراه محفوظًا، وقد روى عن أبي الدرداء [حديث أبي الدرداء، عند أحمد: ص 277 - ج 5، والطحاوي: ص 348، وحديث ثوبان. عند الطحاوي ص 348، وحديث فضالة، عند ابن ماجه: ص 122، وأحمد: ص 21 - ج 6، والطحاوي ص 348، والدارقطني: ص 238.]، وثوبان، وفضالة بن عبيد أن النبي عليه السلام قاء فأفطر، ومعناه أن النبي عليه السلام كان صائمًا متطوعًا، فقاء، فضعف، فأفطر لذلك، هكذا روى في الحديث مفسرًا، انتهى. ورواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" [الحاكم: ص 427، والدارقطني ص 240، وأحمد: ص 498 - ج 2، وابن جارود في "المنتقى" ص 198.]، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ورواه الدارقطني في "سننه"، وقال: رواته كلهم ثقات، انتهى. ورواه أحمد، وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"، وزاد إسحاق: قال عيسى بن يونس: زعم أهل البصرة أن هشامًا وهم في هذا الحديث، انتهى. - طريق آخر: أخرجه ابن ماجه في "سننه" [ابن ماجه: ص 122، والحاكم في "المستدرك" ص 426.] عن حفص بن غياث حدثنا هشام بن حسان به، ورواه الحاكم في "المستدرك"، وسكت عنه. - طريق آخر: أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" عن حفص بن غياث عن عبد اللّه بن سعيد عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء"، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد اللّه ابن سعيد عن جده به، وعبد اللّه بن سعيد هذا، هو عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وفيه مقال، ورواه النسائي من حديث الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفًا، ورواه مالك رضي اللّه عنه في "الموطأ" [الموطأ" للإِمام محمد: ص 182، والطحاوي: ص 348.] موقوفًا على ابن عمر: أنا نافع عن ابن عمر، فذكره. وعن مالك رواه الشافعي في "مسنده"، ووقفه عبد الرزاق في "مصنفه" على ابن عمر أيضًا، وعلى عليّ، والمفسر الذي أشار إليه الترمذي رواه ابن ماجه [ابن ماجه: ص 122، وأحمد: ص 21 - ج 6، والطحاوي: ص 348، والدارقطني: ص 238.] من حديث أبي مرزوق قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يحدث أن النبي عليه السلام خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإِناء، فشرب، فقلنا: يا رسول اللّه إن هذا يوم كنت تصومه، قال: "أجل، ولكني قئت"، انتهى. - الحديث الثالث عشر: قال عليه السلام: - "من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر"، قلت: حديث غريب بهذا اللفظ، والمصنف رحمه اللّه استدل به هنا على أن الكفارة تجب على المرأة كما تجب على الرجل - يعني في الجماع - لأن "مَن" تطلق على المذكر والمؤنث، خلافا للشافعي رحمه اللّه في أحد قوليه، وبمذهبنا قال أحمد، والحديث لم أجده، ولكن استدل ابن الجوزي في "التحقيق" لمذهبنا، ومذهبه بما أخرجاه في "الصحيحين" [قلت: حديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم في "باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم" ص 355، والطحاوي في "شرح الآثار" ص 328، كلاهما عن ابن جريج عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة، ومالك في "موطأه" ص 90، وأبو داود في "باب كفارة من أتى أهله في رمضان" ص 332، والدارمي: ص 217 والدارقطني: ص 251، والشافعي في "كتاب الأم": ص 84 - ج 2، كلهم عن مالك عن ابن شهاب به، ولم أجد حديث أبي هريرة هذا في البخاري، واللّه أعلم] عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي عليه السلام أمر رجلًا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينًا، انتهى. قال: ووجهه أنه علق التكفير بالإِفطار، وهو معنى صحيح حسن، وأخرج الدارقطني في "سننه" [الدارقطني: ص 243.] عن يحيى الحماني حدثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام أمر الذي أفطر يومًا من رمضان بكفارة الظهار، انتهى. قال: والمحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن مجاهد عن النبي مرسلًا، وروى أيضًا عن الليث عن مجاهد عن أبي هريرة، وليس بالقوي، ثم استدل به المصنف فيما بعدُ على وجوب الكفارة بالفطر العمد، أكلًا، أوشربًا، أو جماعًا، وقال الشافعي، وأحمد: لا تجب إلا في الجماع، واستدل لنا ابن الجوزي في "التحقيق" بحديث أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة أن رجلًا أكل في رمضان، فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا، انتهى. وأعله بأبي معشر، وقال: قال ابن معين: ليس بشيء، ومن أصحابنا من احتج بحديث أبي هريرة المتقدم [قلت: هو في البخاري في "باب إذا جامع في رمضان" ص 259، وفي مسلم: ص 355 ]، وليس فيه حجة، لأنهم يحملونه على الجماع، قالوا: وقد جاء مبينًا في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلًا، ذكرهم البيهقي [روى عن بعض منهم مقيدة في: ص 224 - ج 4، وسمى آخرين، ولم يرو عنهم، وأكثر الدارقطني ص 251 في ذكر أسماء من وافق مالكًا وتابعه، كابن جريج، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعدّ منهم ثلاثة عشر رجلًا، ومن خالفه، وروى مقيدة بالوطء، وعدّ منهم واحدًا وثلاثين راويًا، وبعض منهم له، كالروايتين، واللّه أعلم]، فقالوا فيه: إن رجلًا وقع على امرأته في رمضان، قال البيهقي [البيهقي في "سننه الكبرى" ص 225.]: ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطء أولى بالقبول، لزيادة حفظهم، وأدائهم الحديث على وجهه، كيف! وقد روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة، ثم أسند عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال في رجل وقع على أهله في رمضان: "أعتق رقبة، قال ما أجدها، قال: فصم شهرين، قال: ما أستطيع، قال: فأطعم ستين مسكينًا"، واستدل المصنف أيضًا على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار، وفيما تقدم كفاية. - الحديث الرابع عشر: روى أن أعرابيًا أتى النبي عليه السلام، فقال: - يا رسول اللّه، هلكت، وأهلكت، فقال: "ماذا صنعت؟ قال: واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمدًا، فقال: أعتق رقبة، قال: لا أملك إلا رقبتي هذه، قال: فصم شهرين متتابعين، فقال: وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم، فقال: أطعم ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، فأمر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بأن يؤتى بفرق من تمر - ويروى بفرق فيه خمسة عشر صاعًا - وقال: فرقها على المساكين، فقال: واللّه ليس بين لابتي المدينة أحد أحوج مني، ومن عيالي، فقال: كل أنت وعيالك يجزئك، ولا يجزئ أحدًا بعدك". قلت: أخرج أصحاب الكتب الستة [البخاري في "الصوم - في باب إذا جامع في رمضان، ولم يكن له شيء" ص 259، ومسلم: ص 355، وأبو داود: ص 333، والترمذي في "باب كفارة الفطر في رمضان" ص 90، وابن ماجه في "باب كفارة من أفطر يومًا من رمضان" ص 121.] عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة، قال: أتى رجل النبي عليه السلام، فقال: هلكت، قال: "ما شأنك؟، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: فهل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا، قال: اجلس، فأتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بفرق فيه تمر، فقال: تصدق به، فقال: يا رسول اللّه، ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حتى بدت ثناياه [حتى بدت ثناياه، عند أبي داود، وأنيابه، عند البخاري، ومسلم، ونواجذه، عند البخاري: ص 899، و ص 993.] - وفي لفظ: أنيابه، وفي لفظ: نواجذه - ثم قال: خذه فأطعمه أهلك"، انتهى. وفي لفظ لمسلم: "وطئت امرأتي في رمضان نهارًا"، وعند مالك في "الموطأ" [الموطأ" ص 90 في حديث سعيد بن المسيب.]: "أصبت أهلي، وأنا صائم في رمضان"، وفي لفظ لأبي داود: زاد الزهري: وإنما كان هذا رخصة له خاصة، ولو أن رجلًا فعل ذلك اليوم لم يكن له بدٌّ من التكفير، وفي لفظ في "الصحيحين" [قلت: هذا اللفظ في البخاري - في كتاب المحاربين - في باب من أصاب ذنبًا دون الحدِّ" ص 1007، وفي مسلم في "الصيام" ص 355، في حديث عائشة، ولم أجد في شيء منهما في حديث أبي هريرة، وحديث عائشة فيهما، مع حديث أبي هريرة، في باب واحد، فلعل البصر طغى، أو أراد حديث عائشة، كما في حديث "الموطأ" ذكر لفظ حديث ابن المسيب، وهو بصدد حديث أبي هريرة، واللّه أعلم.]: احترقت، موضع هلكت، وفيهما ما يدل لجمهور العلماء على أنه في العامد، لأن الناسي غير هالك، ولا محترق، على أنه جاء في رواية مرسلة، التصريح بالعمد، أخرجه الدارقطني في "كتاب العلل" [قلت: أخرج الدارقطني في "سننه" ص 251 عن سعد بن أبي وقاص، قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أفطرت يومًا في شهر رمضان متعمدًا، الحديث، وفيه: محمد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف، لكن تابعه أبو أويس، قال الهيثمي في "الزوائد" ص 168 - ج 3: رواه البزار، وفيه الواقدي، وفيه كلام كثير، وقد وثق، اهـ، وقال الهيثمي: عن ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إني أفطرت يومًا من رمضان، قال: من غير عذر ولا سفر؟ الحديث، رواه الطبراني، وأبو يعلى، وفي "الأوسط - والكبير" ورجاله ثقات، اهـ. وقال: عن أبي هريرة: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إني أفطرت يومًا من رمضان متعمدًا، ووقعت على أهلي فيه، الحديث. قال: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ثقة مدلس، اهــ.] عن سعيد ابن المسيب: أن رجلًا أتى النبي عليه السلام، فقال: يا رسول اللّه أفطرت في رمضان متعمدًا، الحديث. ويؤيده ما رواه مالك في "الموطأ" [الموطأ" ص 90، وعند البيهقي: ص 227 - ج 4، وفي: ص 225 - ج 4 عن غيره، وفي: ص 226 أيضًا.] عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب، قال: أتى أعرابي إلى النبي عليه السلام ينتف شعره، ويضرب فخذه، ويقول: هلك الأبعد، فذكره، وهو من مراسيل سعيد، ورواه الدارقطني [والبيهقي في "السنن" ص 226 - ج 4 عن سعيد بن أبي مريم أنبأنا الجبار بن عمر عن ابن شهاب به بمعناه، وعن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن سعد عن الزهري به بمعناه، وأحمد في "مسنده، ص 208 - ج 2 عن الحجاج باسناده، ورواه أحمد: ص 516 - ج 2، قال: حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حفصة عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أعرابيًا جاء يلطم وجهه، وينتف شعره، الحديث، فليراجع، وظنى أن محمدًا في إسناد أحمد مصحف، واللّه أعلم ] في "كتاب العلل" مسندًا [بإسناد جيد "تلخيص" ص 195.] من حديث أبي هريرة، فقال: حدثنا عبد الملك بن أحمد حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حفصة عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة: أن أعرابيًا جاء يلطم وجهه، وينتف شعره، الحديث. وفي الكتاب: هلكت، وأهلكت، وليس في الكتب الستة: إلا هلكت فقط، قال الخطابي: وروى في بعض طرقه هلكت، وأهلكت، واستدل بها بعضهم على مشاركة المرأة إياه في الجناية، قال: وهذه اللفظة غير محفوظة، وأصحاب سفيان لم يرووها عنه، إنما ذكروا قوله: هلكت فقط، غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان، فذكر هذا الحرف فيه، وهو غير محفوظ، والمعلى ليس بذلك القوي في الحفظ والإِتقان، انتهى. قلت: أخرجه الدارقطني في "سننه" عن أبي ثور حدثنا معلى بن منصور حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة، قال: جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام، فقال: هلكت، وأهلكت، الحديث. ثم قال: تفرد به أبو ثور عن معلى بن منصور عن ابن عيينة بقوله: وأهلكت، الحديث. ثم قال: تفرد به أبو ثور عن معلى بن منصور عن ابن عيينة بقوله: وأهلكت، وهم ثقات، انتهى. وأخرجه البيهقي في "سننه" عن جماعة عن الأوزاعي عن الزهري به، وفيه: هلكت، وأهلكت، قال البيهقي: ضعف شيخنا أبو عبد اللّه الحاكم هذه اللفظة: وأهلكت، وقال: إنها أدخلت على محمد بن المسيب الأرغياني، فقد رواه أبو علي الحافظ عن محمد بن المسيب بالإِسناد دون هذه اللفظة، ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي دونها، ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري، وكان شيخنا أبو عبد اللّه يستدل على كونها في تلك الرواية أيضًا خطأ، بأنه نظر [قال في "الجوهر" أبو ثور فقيه معروف جليل المقدار، أخرج عنه مسلم في "صحيحه" فلا يترك روايته لسقوطها في حظ رجل مجهول، وقد تأيدت روايته بالطريق الذي ذكره البيهقي أولًا، وربما أخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" من طريق الدارقطني حدثنا النيسابوري حدثنا محمد بن عزيز حدثني سلامة بن روح عن عقيل عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة، فذكر الحديث، وفيه هلكت وأهلكت، وسلامة هذا أخرج له ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"، وقال ابن حبان: مستقيم، وذكر البيهقي في "الخلافيات" أن ابن خزيمة رواه عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة أن رجلًا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال: أهلكت يا رسول اللّه، هكذا بإثبات الألف.] في "كتاب الصوم" تصنيف المعلى بن منصور، فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة، وأن كافة أصحاب سفيان رووه دونها، انتهى. وقال المنذري في "حواشيه": وقول الزهري: إنما كان هذا رخصة له خاصة، دعوى لم يقم له عليها برهان، وقال غيره: إنه منسوخ، وهو أيضًا دعوى، انتهى. وقوله في الكتاب: تجزئك، ولا تجزئ أحدًا بعدك، لم أجده في شيء من طرق الحديث، ولا رواية: الفرق بالفاء، والفرق: هو الزنبيل، قيل: يسع خمسة عشر صاعًا. واعلم أن الحديث ورد في "الصوم" أخرجه أبو داود [أبو داود: ص 332، والدارقطني: ص 252.] عن هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فذكره، إلى أن قال: فأتى بعرق فيه تمر، قدر خمسة عشر صاعًا، وقال: كله أنت وأهل بيتك، وصم يومًا، واستغفر اللّه، قال ابن القطان: وعلة هذا الحديث ضعف هشام بن سعد، انتهى. وقال عبد الحق في "أحكامه": طرق مسلم في هذا الحديث أصح وأشهر، وليس فيها: صم يومًا، ولا مكتلة التمر [في نسخة - الدار - "وليس فيها صوم، ولا مكيلة التمر" "البجنوري".]، ولا الاستغفار، وإنما يصح القضاء مرسلًا، انتهى كلامه. وهذا المرسل في "موطأ مالك" عن عطاء بن عبد اللّه الخراساني عن سعيد بن المسيب، قال: جاء أعرابي، فذكره، وفي آخره: فقال له عليه السلام: كله، وصم يومًا، مكان ما أصبت، مختصر. وزاد الدارقطني [الدارقطني: ص 251 من حديث علي، وكذا في "التلخيص" ص 196، وضعف إسناده.] في هذا الحديث: فقد كفر اللّه عنك، وكأن الشافعي لم تقع له هذه الرواية، فإن البيهقي نقل عنه في "المعرفة" أنه قال: يحتمل أن الكفارة ديْن عليه متى قدر عليها، أو شيء منها، واللّه أعلم. - الحديث الخامس عشر: قال عليه السلام: - "الفطر مما دخل"، قلت: رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" [1] حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن رزين البكري، قال: حدثتنا مولاة لنا، يقال لها: سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة تقول: دخل عليَّ رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: يا عائشة، هل من كسرة؟ فأتيته بقرص، فوضعه في فيه، وقال: يا عائشة هل دخل بطني منه شيء؟! كذلك قُبْلة الصائم، إنما الإِفطار مما دخل، وليس مما خرج، انتهى. ووقفه عبد الرزاق في "مصنفه" على ابن مسعود. فقال: أخبرنا الثوري عن وائل بن داود عن أبي هريرة عن عبد اللّه بن مسعود، قال: إنما الوضوء مما خرج، وليس مما دخل، والفطر في الصوم مما دخل وليس مما خرج، انتهى. ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في "معجمه"، ووقفه ابن أبي شيبة في "مصنفه" على ابن عباس، فقال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، قال: الفطر مما دخل، وليس مما خرج، انتهى. وكذلك رواه البيهقي [2]، قال: وروى أيضًا من قول علي، وروى عن النبي عليه السلام، ولا يثبت، انتهى. وذكره البخاري في "صحيحه [3] تعليقًا، فقال: وقال ابن عباس، وعكرمة: الصوم مما دخل وليس مما خرج، انتهى. - الحديث السادس عشر: - وقد ندب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى الاكتحال يوم عاشوراء، والى الصوم فيه. قلت: أما لصوم، فأخرجاه في "الصحيحين" [البخاري في "باب صيام يوم عاشوراء" ص 268. ومسلم في "باب صوم يوم عاشوراء" ص 359] عن سلمة بن الأكوع، قال: بعث رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ رجلًا من أسلم يوم عاشوراء، فأمره أن يؤذن في الناس: من كان لم يصم فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء، انتهى. - حديث آخر: أخرجاه [البخاري في "باب صوم الصبيان" ص 263، ومسلم: ص 360 - ج 1] أيضًا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: أرسل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، فكنا بعد ذلك نصومه، وتصوم صبياننا الصغار، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم، انتهى. - حديث آخر: أخرجاه أيضًا [البخاري: ص 268، و ص 481، ومسلم: ص 359.] عن ابن عباس، قال: قدم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى اللّه فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال عليه السلام: "نحن أولى بموسى منكم" وصامه عليه السلام، وأمر بصيامه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان، قال: من شاء صامه ومن شاء تركه، انتهى. وأخرجاه [البخاري في "باب وجوب صوم رمضان" ص 254، ومسلم: ص 358] من حديث ابن عمر نحوه، وأخرجاه [البخاري: ص 268، ومسلم: ص 358.] عن معاوية: سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: هذا يوم عاشوراء لم يكتب اللّه عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن أحب منكم أن يصومه فليصم، ومن أحب أن يفطر فليفطر، انتهى. ولمسلم [مسلم: ص 358.] عن جابر بن سمرة، قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا، ولم ينهنا عنه، ولم يتعاهدنا عنده، انتهى. ولمسلم [مسلم: ص 359.] عن الحكم بن الأعرج، قال: قلت لابن عباس: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء، قال: إذا رأيت هلال المحرم، فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائمًا، قلت: هكذا كان محمد ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يصومه؟ قال: نعم، انتهى. وأخرج عن أبي غطفان عن ابن عباس، قال: حين صام عليه السلام يوم عاشوراء، قالوا: يا رسول اللّه إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال عليه السلام: "فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا اليوم التاسع"، فلم يأت العام المقبل حتى توفي عليه السلام. وأخرج مسلم [مسلم في "باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر" 368.] عن أبي قتادة، قال: سئل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ عن صوم الدهر، فقال: لا صام ولا أفطر، فسئل عن صيام يومين وإفطار يوم، قال: "ومن يطيق ذلك"، فسئل عن صوم يوم وإفطار يومين، فقال: "ليت أن اللّه تعالى قوانا لذلك"، وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم، فقال: "ذاك صوم أخي داود عليه السلام"، وسئل عن صوم يوم الإِثنين، فقال: "ذاك يومٌ ولدت فيه ويومٌ بعثت، أو أنزل عليّ فيه"، قال: فقال: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ورمضان إلى رمضان صوم الدهر"، وسئل عن صوم يوم عرفة، فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية"، وسئل عن صوم عاشوراء، فقال: "يكفر السنة الماضية"، قال مسلم" وفيه من رواية شعبة، وسئل عن صوم يوم الإِثنين والخميس، فسكتنا عن ذكر الخميس، لما نراه وهمًا، انتهى. وأما الاكتحال: فروى البيهقي في "شعب الإِيمان"، في الباب الثالث والعشرين: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني عبد الغني بن محمد بن إسحاق الوراق حدثنا علي بن محمد الوراق حدثنا الحسن بن بشر حدثنا محمد بن الصلت حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من اكتحل بالأثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدًا"، انتهى. قال: البيهقي: إسناده ضعيف بمرة، فجويبر ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس، انتهى. ومن طريق البيهقي رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"، ونقل عن الحاكم أنه قال فيه: حديث موضوع، وضعه قتلة، الحسين رضي اللّه عنه، انتهى. وجويبر، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال أحمد: متروك، وأما إن الضحاك لم يلق ابن عباس فروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا أبو داود عن شعبة، قال: أخبرني مشاش، قال: سألت الضحاك، هل رأيت ابن عباس؟ فقال: لا، انتهى. حدثنا أبو داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس إنما لقي سعيد بن جبير، فأخذ عنه التفسير، انتهى. وله طريق آخر: أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" عن أبي طالب محمد بن علي ابن الفتح العشاري حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد حدثنا إبراهيم الحربي حدثنا شريح بن النعمان حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلها"، انتهى. وقال [قال الحافظ في "الدراية" ص 175: ومن حديث أبي هريرة بسند لين فيه أحمد بن منصور الشونيزي، فكأنه أدخل عليه، وهو إسناد مختلق لهذا المتن قطعًا، اهـ، قلت. فليراجع، أهو النوشري، أو الثونيزي، أو الشيرازي]: في رجاله من ينسب إلى تفضيل، فدسّ عليه في أحاديث الثقات، انتهى كلامه.
|